شرائح رئيسيةمنوعات

لماذا تعلق الأغاني الناجحة بالعقل والذاكرة؟ العلم يجيب

لماذا نتفاعل مع الألحان المميزة؟ ولماذا يقوم البعض بدندنة بعض مقاطع الأغنيات من آن لآخر؟ ولماذا يعلق لحن ما أو مقطع من أغنية في أذهاننا ونتذكره من وقت لآخر؟

تأتي الإجابات في موقع “Big Think”على لسان ديريك تومبسون، المحرر بمجلة “ذي أتلانتيك”، والذي أصدر كتاباً يتناول أسس علم الموسيقى حول سر جاذبية الأغاني والألحان المميزة.
كيف يميز المخ بين النشاز واللحن العذب؟

وللإجابة عن هذا السؤال المعقد بالفعل، يجب تعريف ما هي الموسيقى؟ ولماذا يعالج المخ بعض الأصوات على أنها نغمات نشاز، ويتعامل مع أصوات أخرى باعتبارها أغنية عذبة اللحن؟

ولبدء الإجابة عن هذا السؤال، وجد تومبسون أنه من الضروري استعراض الملاحظة العلمية، التي رصدتها بروفيسور ديانا دويش، أحد علماء الموسيقي في جامعة كاليفورنيا، بسان دييغو. كانت ديانا تستمع إلى تسجيل صوتي لنفسها وهي تتكلم في منزلها في إحدى الأمسيات، وقامت بتشغيل تسجيل جملة من كلامها بتكرار، وأدركت أنه إذا تم استقطاع كلام من سياق ما، وتم تكراره لعدة مرات، فسيبدأ المخ فجأة في سماع لحن في هذا التكرار، ويحدد وزناً وإيقاعاً، وعندها يتحول المخ إلى سماعه كأغنية، رغم أنه بالأساس ليس إلا مجرد كلام عادي.
المكون الأساسي للموسيقى

ويوضح تومبسون أن التكرار هو الجسيم الدقيق المكون للموسيقى الذي يميز النشاز عن النغمات الحقيقية.

وتعد هذه الملاحظة مثيرة للاهتمام، ولكنها لا تقدم إجابة للسؤال الأساسي وهو: ما الذي يجعل الموسيقى جذابة؟

ويقول تومبسون “إن الأمر ليس بهذه البساطة، فمثلاً إذا قمت بالتوجه إلى استديو تسجيلات موسيقية وقمت بتكرار جملة ما مرات ومرات إلى ما لا نهاية، فسوف يطردونني من الاستديو فوراً، ولذلك يجب أن يكون هناك تكرار وتنوع أيضاً”.

ويقود ذلك إلى التساؤل عن الطريقة العلمية للتفكير في التوازن؟

وللإجابة عن هذا السؤال، يقول تومبسون إنه يمكن الاستفادة من نتائج دراسة شهيرة في جامعة ولاية أوهايو، قام بإجرائها ديفيد هورون على فئران التجارب. فقام بروفيسور هورون بتشغيل نوتة موسيقية للفأر، ولتكن على سبيل المثال النوتة “ري”، وقام الفأر بتحريك رأسه بطريقة ما. ثم لعب هورون النوتة “ري” مرة أخرى، فحرك الفأر رأسه مجدداً. وكلما تكررت نفس النغمات يأتي الفأر بنفس الحركة بالرأس، إلى أن يتعود الفأر، في النهاية، ويتعلم تجاهل الحافز. ومن المعروف أن التعود شائع في الثقافة والحياة الإنسانية، إذ يتعلم الإنسان تجاهل الأشياء المألوفة جداً.
التعود والتجاهل

ولكن إذا كان الفأر، وفى اللحظة نفسها، وهو على وشك أن يعتاد على النوتة “ري”، قد سمع النوتة “مي” فإنه يستجيب لها بدلاً من النوتة “ري”. ومن ثم يمكن للموسيقى العودة إلى مفاجأة الفأر بالنوتة “ري”.

واتضح أنه إذا كنت تريد الاستحواذ على انتباه الفأر لأطول فترة من الوقت، مع أقل عدد من النوتات، فهناك نمط محدد للغاية هو: “ري”، “ري”، “مي”، “ري” “مي”، ثم “فا” لكسر التعود على كل من النوتات “ري” و” مي”.

ويقول تومبسون إنه بينما كان يقرأ تفاصيل ونتائج الدراسة، طرأت على ذهنه فكرة تحدث بشأنها إلى بروفيسور هورون، وهي: ماذا سيحدث لو تم استبدال النوته “ري” بكلمة “شعر”، وباستبدال النوته “مى” بكلمة “جوقة” وأن تستبدل النوتة “فا” بكلمة “جسر”، فسوف تكون النتيجة عندئذ تشكيل هيكل الأغنية التالية: “شعر- شعر- جوقة- شعر- جوقه – جسر”، التي هي في الأساس بنية أغنية ” البوب” الأكثر شيوعاً في القرن العشرين.
السر في الصيغة

ويشرح تومبسون أن ما أثار اهتمامه بهذه الفكرة هو أن علاقة الصيغة نفسها بين التكرار والتنوع، التي يمكن أن تستحوذ على انتباه الفأر في بيئة مختبرية هي نفسها التي تجعلنا أيضاً نتابع الأغاني بإنصات في راديو السيارات.

ويقول تومبسون إن أهم الآثار المترتبة على كل من هذه الأفكار، لا يقتصر فقط على الترفيه، وهو في حد ذاته أمر مشوق، ولكن قد لا يكون مهماً للبعض، ولكن تنطبق نفس الآثار على مجالات مهمة مثل السياسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى